السبت، 26 أكتوبر 2013

أحداث "26 أكتوبر"!





السفينة آمنة على الشاطئ, لكنها ليست من أجل ذلك صُنعت! -باولو كويلو.
 منذ بداية الحملة وأنا أتابع أخبارها بشكل مُتقطع ولم أرغب في أن أتحدث عن رأيي بها لأنه من الطبيعي أن أي شخص مُدرك لحقوقه سوف يؤيد ذلك. هناك الكثير ممن يُعارض الفكرة بالتأكيد ولست ضدهم فكل شخص يتحدث حسب درجة وعيه وبطبيعة ما يتناسب مع تفكيره وما يجده مُناسباً لأسرته, لكن يفترض به أن يقف هنا فقط ولا يتجاوز ذلك للتحكم بحريات الآخرين أو ربط المسألة بالسياسة والدين.
مع الأسف الكثير لم يتوقف عند حدود "التحكم بأسرته" والبعض استغل منصبه ليحكي "خُزعبلات" للناس, والمثير للدهشة أن الناس تُصدق هذه الخزعبلات وتُناضل من أجلها! وأنا هنا للحديث عن بعض هذه الخزعبلات والإرتباطات السخيفة التي لا يصدقها عقل ولا يقبلها أي منطق.
أول هذه اللامنطقيات والتي تدل -مع الأسف- على "غفلة" صاحبها هي هذه الكلمات: "أختي أفيقي من غفلتك.. هل تعلمين أن 26 أكتوبر يوافق ميلاد وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون.. هل تتوقعين جاء ذلك صدفة!"
أود أن أعرف هذا الشخص المتفرغ الذي يقوم باستنتاج مثل هذه الروابط الغبية, حملة القيادة هذه ليست الأولى فقد سبقتها حملات في أعوام سابقة, أولها كانت في 6نوفمبر 1990م والأخرى في 17يونيو 2011 وهذه الأخيرة في 26أكتوبر 2013! أي صدفة بالله عليك, نوفمبر ويونيو وأكتوبر, هل هذا يعني أن هيلاري قد ولدت في أيام مُتفرقة من السنة أم ماذا! أين هي عقولكم التي أكرمكم الله بها!
وهناك من يحاول تبرير رفضه بكلمات غير مقنعة بتاتاً, على سبيل المثال: "البعض يثير تساؤلات منها لما أجاز علماء بلدان أخرى قيادة المرأة؟ ونقول الفتيات تختلف باختلاف الزمان والمكان والحال والمآل".
لا أستطيع صراحةً أن أفسر هذا الكلام سوى أننا جئنا من كوكب مختلف عن كوكب بقية الفتيات في العالم لذا هن يجوز لهن القيادة أما نحن فهي محرمة وجريمة كبيرة تستحق العقاب!
وآخرون يزعمون أن قيادة المرأة هو بداية للفساد فهي بذلك تستطيع أن تذهب بنفسها إلى من تشاء من الرجال لذا من باب أولى تحريم ذلك! لكن أليس الرجل يستطيع أن يذهب بنفسه إلى من يشاء من النساء؟ أم أن الفساد محصور فقط في عنصر النساء والتحريم مُلزم لهن فقط!
الرذيلة والفضيلة ليست محصورة على جنس دون الآخر والأمر أولاً وأخيراً عائد على أخلاق الشخص نفسه, لكننا سنحتاج إلى سنين طويلة لندرك أهمية هذه الأخلاق وسنين أخرى لنعمل على غرسها لدى أبنائنا!
البعض يرى أهمية المنع سداً للذرائع, حسناً لماذا لم يفكروا في الفراغ الذي يقضيه أغلب سكان المملكة فهو باب لكل ما يحاولون سده! وإذا بقينا طوال حياتنا نسد هذا وذاك فإننا سوف نموت ونحن أحياء!
ورغم كل هذه الخزعبلات وغيرها مما لا حصر له؛ فإن أياً منها لم يُحزني بقدر ما أحزنتني بل وأغضبتني الإتهامات التي ألقاها البعض لمن ستقود سيارتها أو حتى تفكر أن تفعل, وكأن معيار الأخلاق والفضيلة يتوقف على ذلك. الإنسان المحترم -بشكل عام رجل أو إمرأة- سيظل محترماً لذاته وللآخرين مهما كانت الظروف التي حوله, وليست سيارة أو غيرها ستُغير من أخلاقيات المرء, لكن على ما يبدو أن من أطلقوا هذه الإتهامات يفتقرون الإحترام بأنفسهم.
أخيراً, مسألة قيادة السيارة هي مسألة ممارسة حياة, والحياة بدون شك "اختيار وليست إجبار",  لا علاقة لدين أو سياسة أو أي شئ آخر بذلك. في السابق تم منع الكثير من الوسائل التي تسهل الحياة والآن نراها أمراً عادياً بل وقد نستغرب إذا لم نجد من يستخدمها. هذه المركبات من أكبر الوسائل التي تساعد الشخص لتحقيق أهدافه والإستعانة بها أمر بديهي وحتمي. لا يمكنك أن تؤجل ما هو محتوم، ولا يمكنك تجاهله أيضاً، لأن تجاهلك له يجعل منك شخص ديناصوري يستحق أن يوضع في متحف بدلاً من أن يسمح له بالسير في الطرقات لتعطيل حياة الآخرين وأهدافهم.
لا أدري متى سوف تنقرض هذه الديناصورات التي نراها تصاحبنا على مدار السنوات، مع أن الديناصورات الطبيعية قد قضت حياتها وانقرضت منذ ملايين السنين! وكل الحيوانات مدركة تماماً للقوانين الطبيعية, ونحن نجحنا في التعلم منها فيما يتعلق بـ"قانون الغاب" ولكننا فشلنا في أن نتعلم منها احترمها لطبيعتها!
أنا متفائلة جداً بهذه الحملة, أعترف أنني لا أمتلك الشجاعة الكافية لمشاركتهن فيها لكنني أقف بقلبي وبكل جوارحي لأساند هذه المجموعة الشجاعة التي سوف تنطلق اليوم للتغير, متفائلة بما يمكن للنساء أن يفعلنه وأنهن بإذن الله سوف يعملن على التغيير بشكل إيجابي, لا أقول ذلك تحيزاً ولكن لأنني أعلم أن الأيدي مُجتمعة تستطيع أن تُحقق الكثير وأن تؤثر بشكل أكبر من أن تكون متفرقة! وأقصد بالأيدي نحن جميعاً النساء والرجال لأننا جميعاً خلفاء الله في أرضه وجميعاً مسؤولون عن عمارة هذه الأرض بالخير.


هناك 4 تعليقات:

  1. الامر ليست مجرد حرية ودعم للفكر الامر اكبر من كذا اتمنى تربطين الامور السياسية المصاحبة لتاريخ تلك الحملات ، وإن كانت حرية كما تزعمون كلن ورجالته مع اهلها لان ماراح تشوفين حريم يسوقون الا في mbc 2 الا اخذت عقولكم ولا تظنين ان مادة تحريرية كتلك سوف تغير مجرى المياة o_O

    ردحذف
    الردود
    1. لا أحب صراحةً أن أجادل مثل هذا النوع من الفكر الذي لديك لأنني أعلم بأنه النوع الذي يحارب التغيير بكل طاقاته بما فيها جهله, أظنك يوماً ما -وقريباً بإذن الله- سترى بأن ما نطالب به سوف يتحقق لأنه ليس أمراً خارقاً للعادة, ولكنكم ترونه كذلك للأسف, تماماً كما فعل أجدادك عندما حاربوا التعليم بكل قوتهم وربطوه بالأحداث السياسية الواقعة في زمنهم, التاريخ يعيد نفسه ودائماً ينتصر فيه الحق أمام الباطل والعلم أمام الجهل!

      تحياتي لك.

      حذف
  2. لن نستطيع مقاومة التيار لكننا نستطيع تشكيله بما يوافق مبادئنا

    ردحذف
    الردود
    1. الأن أصبحت لدي نظرة مختلفة لمثل هذه القضايا ^^

      حذف