الأربعاء، 13 فبراير 2013

بناء أفكار مُترابطة







مقال لـ : دونالد ترامب.



"أنا لا أفكر كثيراً بامرئ ليس اليوم أكثر حكمة من الأمس". - أبراهام لنكولن.
"التجربة لا تعلم إلا الراغب في التعلم". - أولدوس هاكسلي.


يزيل التعليم الشامل الحد الفاصل بين معرفة الكثير ومعرفة القليل حول مجموعة متنوعة من المواضيع -أي المواضيع الضرورية لتحقيق النجاح. لقد تذكرت هذه المسألة مؤخراً عندما أجريت مقابلة مع شاب متمكن جداً في اختصاصه وغير مثقف تقريباً في كل المواضيع الأخرى المطروحة. بدا الأمر وكأنه يعاني من ضيق في أفق التفكير وبالرغم من إعجابي بحسن اطلاعه على حقل اختصاصه. كان علي أن أفهم, إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أهداف مشاريعي, بأنه غير مناسب نظراً لاهتماماته المحدودة. من هنا جئت بفكرة هذه المقالة وأنا أعتقد بأن عليكم جميعاً أخذها بعين الاعتبار عندما تعززون ثقافتكم و/أو تباشرون عملكم.

كتب أولدوس هاكسلي, المفكر العظيم ومؤلف "عالم جديد شجاع", مقالة في العام 1959 بعنوان "ادمج الثقافات" التي لا تزال اليوم وثيقة الصلة بالموضوع. لقد شدد على أهمية بناء جسور في المعرفة والفكر ومن هنا استخدم كلمة الحبر أو باني الجسور. إنها صورة مثيرة للاهتمام وعلينا تذكرها أثناء الدراسة والتعلم. وهكذا نستطيع تعزيز قدرتنا على التعلم لإدخال وربط أفكار ومواضيع ليست بالتحديد من ضمن نطاق اهتمامنا, ولكن من المفيد التنبه لها.

والغريب في الأمر أنني عندما كنت أفكر في هذه الحالة كنت أتصفح مجلة تايمز الصادر عددها في 5 شباط/فبراير 2007 التي نُشر فيها رسالة كتبها هاكسلي في العام 1954 تحت عنوان "رسالة تقليدية". هذه الرسالة صحيحة جداً بحيث يمكن اعتبارها معاصرة. وهي تعالج التفسيرات الخاطئة التي يقدمها النقاد والصحافيون في مراجعاتهم وفي حين يُسلم بأن حواشيهم "موجزة" يتابع قوله بأن "الإيجاز" مع الأسف قد يكون معاكساً للدقة". وقد كان هذا الرجل يعرف ما يقوله على عدة مستويات وحول مجموعة مواضيع, وقد قدم أفكاره بشكل جيد سواءً كنت تتفق معه أم لا.

لقد سمعنا جميعاً القول المأثور "صل النقاط ببعضها البعض". أنا أنظر إلى المسألة لجهة امتلاك المعرفة الكافية لوصل النقاط بطريقة معقولة ومبنية على معلومات ذات صلة. أما الشاب الذي قابلته فلم يكن قادراً على القيام بهذا الأمر. أنا لم أكن في وارد طلب مراجعة شاملة لكل موضوع مطروح ولكن أقله وعي الموضوع. لقد سبق وذكرت أهمية مجاراتك الأحداث العالمية على أساس يومي إذا كنت تخطط للوصول إلى أي مكان في هذا العالم. بما أن الأخبار متاحة للجميع, لا تستطيع بعد الآن تبرير جهلك للأحداث أياً كان مكان إقامتك. إن المعلومات متوفرة للجميع وإذا لم تكن على تواصل مع الأحداث فسينعكس الأمر ضدك في النهاية - وربما في أول مقابلة لك. لا تكتشف هذا الواقع بطريقة قاسية!

هناك وسيلة أخرى تمكنك من بناء الجسور لنفسك وهي تصور حجم الوقت الذي توفره لدى عبورك جسراً مقابل خوض نهر أو اجتياز واد ضيق. كما أنه إجراء وقائي يحول دون وقوعك في ثغرة قد يستغرق الخروج منها أسابيع أو أشهر. نحن لسنا كُليي العلم. أحياناً تسير الأمور لسبب ما بطريقة مختلفة عما خططنا له, ولكن عليك أن تأخذ وقتك في الاستعداد لتحقيق أهدافك. أنا أعمل على هذه المسألة يومياً. لقد تعلمت بأن الأشياء لا تحدث بشكل تلقائي لأنني أريد ذلك. ابحث عن العلم بصورة استباقية.

أثناء تأليفي هذا الكتاب كنت أُذكر نفسي بأن من سيقرأه هو على الأرجح شخص عازم على تحسين نسبة ذكائه وشخص يملك الرغبة في العمل. ولذلك أريدك أن تسأل نفسك: ما الذي تطمح إليه؟ ما هو دافعك بالضبط؟ ما الهدف من بناء جسر إذا لم تكن متأكداً من رغبتك في العبور إلى الجانب الآخر أو إذا لم تكن تعرف ما ستفعله حالما تصل إلى هناك؟ يجب أن يفي الجسر بغرض محدد ويجب أن تكون أهدافك محددة تماماً. يعتبر التصور وسيلة فعالة للتركيز على نواياك.

منذ بضع سنوات, كنت أجري حديثاً مع بضعة أشخاص عندما ذكر أحدهم بأن اسم ترامب بات علامة مميزة مشهورة حول العالم ومن ثم أضاف متسائلاً: "ما الذي يحمله الاسم؟" ثم ضحك نوعاً ما وقال لي "في حالتك الكثير!" فلاحظت بأن أحد الأشخاص لم يفهم الملاحظة البارعة. فقلت: "هذا كلام شكسبير". "ما الذي يحمله الاسم" بيت شهير لشكسبير. ومع ذلك, بقي الرجل متحيراً وسأل: "من أين؟" وبالرغم من أنني كنت أعرف بأنه مأخوذ من مسرحية روميو وجولييت إلا أنني قلت: "ابحث عنه فقد تتعلم بعض الأشياء المثيرة للاهتمام مع الوقت".

أنا لا أقترح عليك أن تمضي سنوات في دراسة شكسبير ولكن اكتساب معرفة محلية ببعض الأشياء سيعزز كثيراً قدرتك على التعامل في الجمعيات البارزة مع أشخاص يملكون ثقافة واسعة في مجموعة متنوعة من المواضيع. لا تدع الآخرين يتجاهلونك! خصص بضع ساعات في الأسبوع لمراجعة الآثار الأدبية أو الأحداث التاريخية أو أشياء خارج نطاق اهتمامك عادة. إن تقييد النفس بمواضيع محددة ليس الخيار الأفضل. هناك عدة مواضيع تُطرح في خلال نقاش أو مقابلة عمل. وفي حين أننا لا نستطيع معرفة كل شئ علينا أن نعرف قدر المستطاع.

تلخص عبارة أبراهام لنكولن المذكورة في بداية هذه المقالة ما أحاول توضيحه لك. كما تتضمن المقالة عبارة هاكسلي التي تبين أهمية أن يكون المرء راغباً في التعلم. هناك فائدة إضافية تكتسبها من التعلم وهي المحافظة على روح الشباب في داخلك. إذا تصرفت على أساس أنك تعرف كل شئ فستشيخ قبل أن يحين الأوان لذلك وستفقد الرغبة في التعلم, ولذلك عليك أن تتجنب الوقوع في تلك الأفخاخ. وماذا عن بناء الأفكار المترابطة؟ من كان يعتقد بإمكانية وجود مثل هذا الترابط الوثيق بين أبراهام لنكولن وألدوس هاكسلي؟ لقد أثبتت هذه المقالة إمكانية الربط بينهما ولم نكن بحاجة لأي نقاط بل فقط إلى مقدرة عقلية ومحاولة بناء جسور بين العصور, والثقافات, والخلفيات, والحضارات. ليكن ذلك مثالاً عن كيفية سد الثغرات والوصول إلى المكان المرغوب به. يُعتبر التفكير الإبداعي ضرورة هذه الأيام دعه يُفيدك.

هناك تعليقان (2):

  1. كلامه رائع عكس شخصيته الحالية

    ردحذف
    الردود
    1. المقال من كتابه "فكر كالأبطال" عبارة عن مجموعة مقالات جداً مفيدة ومميزة

      حذف